قانون النشر في الجزائر 1982
مقدمة:
ميزت الأوضاع الإعلامية في الجزائر منذ الفترة 1979 إلى 1990, ببروز عدة أحداث , و اتخاذ عدد من القرارات التي اعتبرت الأولى من نوعها منذ الاستقلال, مثل لائحة الإعلام الصادرة عن مؤتمر جبهة التحرير الوطني لسنة 1979, و قانون الإعلام لسنة 1982 , و قرار السياسة الإعلامية الجديدة لسنة 1990, الذي كرس و لأول مرة مبدأ التعددية الإعلامية.
* فما هو مضمون قانون 1982, و ما مدى تجسيد مواده على أرضية الواقع؟
خطة البحث:
المقدمة
الفصل الأول: قانون النشر 1982, صدوره و مضمونه.
المبحث1: صدوره.
المبحث2: مضمونه.
الفصل الثاني: المسؤولية, السر المهني,الحق في التصحيح و الرد
من خلال قانون 1982.
المبحث1: مسؤولية المقال.
المبحث2: السر المهني.
المبحث3: الحق في التصحيح.
المبحث 4 : الحق في الرد.
خاتمة.
الفصل الأول : قانون 1982 ,صدوره و مضمونه
المبحث 1: صدوره
جاء قانون 1982 بمثابة تطبيق لما ورد في الميثاق الوطني لسنة 1976 الذي أكد على ضرورة تحديد دور الصحافة و الإذاعة و التلفزيون بواسطة القانون, و الذي يكرس بدوره حق المواطن
في الإعلام .
و إصدار هذا القانون, أتى بعد مرور عشرين سنة على الاستقلال , وكانت الصحافة آ نذاك تعاني من جميع أنواع الضغوطات و الكبت في ظل الفراغ القانوني , حيث لجأت السلطة الحاكمة إلى مصادرة حرية الممارسة الصحفية عن طريق مديري المؤسسات الإعلامية, تحت أقنعة مختلفة مثل وحدة التوجيه , وحدة الفكر و الانسجام في العمل٭.
تم تقديم نص مشروع هذا القانون من طرف الحكومة إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني بتاريخ 25 أوت 1981, و بعد عدة مناقشات تم ضبط هذا المشروع في شكله النهائي و اصدر قانون الإعلام في صورته الرسمية بتــــاريـــــخ:06/02/1982
المبحث2: مضمونه
تكون الهيكل العام لقانون النشر 1982 من 128 مادة موزعة على 59 مادة كمدخل يحتوي المبادئ العامة , و خمسة أبواب مرتبة كما يلي :
الباب الأول: النشر و التوزيع
و يحتوي على فصلين :
الفصل 1 :النشرات الدورية
و هي كل الصحف و المجلات بكل أنواعها, و تصدر على فترات منتظمة.
و تصنف إلى صنفين :
- صحف إخبارية عامة .
- نشرات دورية متخصصة.
ويحتوي هذا الفصل على 14 مادة , من المادة 10 إلى غاية المادة 23.
و المادة 12 منه تنص على أن إصدار الصحف الإخبارية العامة من اختصاص الدولة أو الحزب لا غير.
الفصل 2: إنتاج و توزيع الإعلام المكتوب و المصور.
ويحتوي على 9 مواد من المادة 24 إلى غاية المادة 32 , و المادة 24 منه تنص على أن الدولة تتولى احتكار كل نشاط خاص بتوزيع الإعلام المكتوب و المصور .
الباب الثاني : ممارسة المهنة الصحفية .
ويحتوي على فصلين:
الفصل الأول: الصحافيون المحترفون الوطنيون
ويحتوي على 20 مادة , من المادة 33 إلى المادة 52,و المادة 33 منها تنص على أن الصحفي المحترف هو كل مستخدم في صحيفة أو دورية تابعة للحزب أو الدولة, حيث يكون دائما متفرغا للبحث و جمع الأخبار , و أن يتخذ من هذا النشاط مهنته الوحيدة.
الفصل الثاني :المبعوثون الخاصون و مراسلو الصحف الأجنبية.
يحتوي على 6 مواد , من المادة 53 إلى المادة 58. و المراسل الصحفي هو الذي يوظفه جهازا من أجهزة الصحف الأجنبية المكتوبة أو الناطقة أو المرئية, يوظف لجمع الأخبار الصحافية قصد نشرها , و يكون هذا النشاط مهنته الوحيدة التي يتلقى عليها أجرا. أما المبعوث الخاص فيعتمد اعتمادا قانونيا و يقوم بمهمة إعلامية مؤقتة قصد النشر أو تغطية حدث من أحداث الساعة. و يجب على كل من المراسل الصحفي و المبعوث الخاص أن يحترسا من إدخال أو نشر أخبار خاطئة أو غير ثابتة.
الباب الثالث: توزيع النشرات الدورية و التجول للبيع
يحتوي على فصلين :
الفصل الأول: التوزيع و الاستيراد و التصدير
يقصد بتوزيع النشرات الدورية بيعها عددا بعدد أو عن طريق الاشتراك و توزيعها مجانا أو بالمقابل في الأماكن العامة أو في المنازل. و الدولة هي التي تتولى احتكار استيراد النشرات الدورية الأجنبية و تصدير النشرات الدورية الوطنية.
ويحتوي هذا الفصل على 8 مواد من المادة 59 إلى المادة 66.
الفصل الثاني: التجول للبيع.
يخضع هذا التجول للبيع في الأماكن العامة لتصريح مسبق للبلدية التي يتم فيها التوزيع.
يحتوي على مادتين: المادة 67 و المادة 68.
الباب الرابع: الإيداعات الخاصة و المسؤولية و التصحيح و حق الرد.
يحتوي ثلاث فصول:
الفصل الأول: الإيداعات الخاصة
يحتوي على مادتين 69 و 70 , و المادة 69 منه جاء فيها أن تكون النشرات الدورية موضع إيداع في عشر نسخ لدى وزارة الإعلام و 10 نسخ لدى المكتبة الوطنية, و موقعة من مدير النشرية.وذلك قبل نشرها.
الفصل الثاني: المسؤولية
وجاء في هذا الفصل ثلاث مواد 71 , 72 و 73 .
المادة 71 منه تنص على أن المدير و صاحب النص أو الخبر يتحمل مسؤولية ما كتبه أو ما تم نشره عبر الوسائل السمعية البصرية. ويتحمل مسئول المطبعة مسؤوليته مثله مثل المدير و صاحب النص.
الفصل الثالث: التصحيح و حق الرد.
يحتوي 16 مادة ,من المادة 74 إلى المادة 100, حيث يجب على مدير أية نشريه دورية أن يدرج, مجانا كل تصحيح يوجه اليه , و يكون طلب التصحيح مصحوبا بكل وثائق التبرير.
الباب الخامس: الأحكام الجـزائـية
يحتوي ثلاث فصول:
الفصل الأول: مخالفات عامة
يتكون من16 مادة , من المادة 85 إلى المادة 100 .
حيث المادة 91 منه تنص على انه يعاقب على البيع أو التوزيع المجاني للنشريات الدورية
الأجنبية الممنوع استيرادها و نشرها في الجزائر بالحبس من شهر إلى سنة و بغرامة مالية
من 1000الى 10.000 دج دون الإخلال بتطبيق قانون الجمارك.
الفصل الثاني : مخالفات بواسطة الصحافة
يتكون هذا الفصل من 17 مادة , من المادة 101 إلى المادة 117.
حيث يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة مالية من 5.000 دج إلى 20.000 دج كل من يتعمد نشر أو إذاعة أخبار خاطئة أو مغرضة التي تمس بأمن الدولة و قوانينها.
و لا يجوز رفع دعوة قضائية على الصحفي إلا بعد تأكد الهيئة المعنية من صحة التهمة.
كل تحريض على ارتكاب الجنايات أو الجنح عبر جميع وسائل الإعلام, يتعرض مدير النشرية أو صاحب النص إلى متابعات جنائية.وكذلك يتعلق الأمر بكل تحريض على العصيان يوجه للخاضعين للخدمة الوطنية.
الفصل الثالث: حماية السلطة العمومية و المواطن
يتكون من 11 مادة , من المادة 118 إلى المادة 129.
يعاقب على الاهانة المتعمدة الموجهة لرئيس الدولة , بالحبس من شهرين إلى سنتين , وبغرامة مالية من 3000 دج غالى 30.000 دج .
كل قذف موجه لأعضاء القيادة السياسية و الحكومة , أو الأحزاب , يعاقب عليه بالحبس من 10 أيام إلى سنة , وبغرامة مالية من 3000 دج الى10.000 دج.
لا يعتبر النقد البناء من جرائم القذف , وكذلك بالنسبة للنقد الهادف و الموضوعي بالنسبة لصاحب العمل الفني , إذا كان الدفع من هذا تحسين و ترقية الفن.
* يتبين من خلال النظرة إلى الصياغة اللغوية و القانونية , أن معظم المواد الواردة قي هذا القانون تغلب عليها صفة القاعدة القانونية الآمرة .
الفصل الثاني: مسؤولية المقال ، السر المهني والحق في الرد
1- مسؤولية المقال:
ويعنى بها أن كل من مدير النشرية أو صاحب النص أو النبأ مسؤولية كل ما نشرته وسائل الإعلام. و هذا ما يظهر جليا في المواد 71, 72 و 73.
المادة 71:
يتحمل المدير و صاحب النص أو النبأ مسؤولية كل نص مكتوب في نشرية دورية أو كل نبأ تنشره الوسائل السمعية البصرية.
ويجب على كل من يستعمل حقه في التعبير عن رأيه طبقا للحقوق الدستورية للمواطن, من خلال وسائل الإعلام الوطنية, أن يمارس ذلك ضمن أحكام هذا القانون .
و على المدير أن يتأكد من قابلية التعرف على صاحب النص قبل نشره .
المادة 72:
يجب على النص أو النبأ أن يوقع مخطوط ما يكتبه وتنشره أو تبثه الوسائل المنصوص عليها في المادة
71 أعلاه.
المادة 73:
يتحمل مسؤول المطبعة , مسؤوليته تماما كالمدير و صاحب النص المكتوب , مشمولا في الإطار الذي تنص عليه المادة 100 من قانون العقوبات.
2- السر المهني:
ومعناه من حق الصحفي الوصول إلى مصادر الخبر, و له في ذلك الحرية التامة في إطار ما يخوله له القانون. ومن حق الصحفي أيضا عدم الإدلاء بمصادر الخبر.
ويتجلى ذلك من خلال المواد 45, 46, 47 والمادة 48.
المادة 45:
للصحافي المحترف الحق و الحرية التامة في الوصول إلى مصادر الخبر, في إطار الصلاحيات المخولة له قانونا.
المادة 46: مع مراعاة أحكام المادة 47 أدناه, على كل إدارة مركزية أو إقليمية جماعة أو مصلحة , أو هيئة عمومية , وكل مؤسسة إقليمية, أو محلية ذات طابع اقتصادي , اجتماعي , أو ثقافي , أن تقدم الإعلام المطلوب للممثلين الرسميين للصحافة الوطنية .
المادة 47:
يمكن أن يرفض تقديم الإعلام للصحفيين المحترفين في صورة ما إذا كان من:
- أن ينال من الأمن الداخلي و الخارجي .
- أن يفشي السر العسكري أو السر الاقتصادي الإستراتيجي.
- أن يمس بكرامة المواطن و حقوقه .
المادة 48:
سر المهنة حق وواجب معترف به للصحافيين الذين تسري عليهم أحكام هذا القانون .
3- الحق في الرد :
معناه انه بعد تسلم الصحفي طلب التصحيح, منح حق الصحفي الرد عليه.
ويظهر هذا من خلال المواد79, 80 , 81 , 82 و 83.
المادة 79:
يجب على مدير أية نشرية دورية أن يدرج مجانا كل رد يوجهه إليه أي شخص طبيعي أو اعتباري كان مقصودا بنبأ وقائع مغلوطة أو ادعاءات صادرة عن سوء نية من شانها أن تلحق به ضررا معنويا أو ماديا.
المادة82:
يجب أن ينشر الرد على الأكثر خلال الأيام الثمانية التي تلي تاريخ تسلمه بالنسبة للصحيفة اليومية, وفي العدد الذي يلي تاريخ تسلم الرد بالنسبة للدوريات الأخرى.
المادة 83:
يجب أن يكون الرد من نفس حجم المقالة و يجب أن ينشر في المكان ذاته, و بنفس حروف الطباعة التي طبع بها النص الذي أثاره.
4- الحق في التصحيح :
من حق الشخص المعني بالأمر أن يطلب تصحيح ما لاحظه من خطا مرتكب في حقه , و يكون هذا الطلب مرفوق بالوثائق اللازمة.
ونلاحظ ذلك من خلال المواد 74 , 75 , 76 , 77 و 78.
المادة 74: يجب على مدير أية نشرة دورية أن يدرج مجانا كل تصحيح يوجهه إليه ممثل من ممثلي السلطة العمومية بصدد أعمال تتصل بوظيفته و توردها النشرية المذكورة على نحو خاطئ.
المادة 75: يجب أن يكون طلب التصحيح مصحوبا بكل وثائق التبرير , و يرسل إلى مدير النشرية للنظر و البت فيه.
و في حالات التنازع بخصوص صحة الوقائع الواردة في النشرية , يحال طلب التصحيح على السلطة الوصية للبت فيه, قبل إحالة الموضوع على القضاء , إذا لزم الأمر.
المادة 76: يجب أن ينشر تصحيح ما ورد خطا في المكان ذاته و في اجل أقصاه عشرة 10 أيام اعتبارا من تاريخ تسلم التصحيح بالنسبة لأية صحيفة يومية وفي العدد الموالي لتسلم التصحيح بالنسبة للدوريات الأخرى.
المادة 77: التصحيح حق دولي معترف به عملا بالمادة 5 من الإعلان الخاص بالمبادئ الأساسية المتعلقة بمساهمة أجهزة الإعلام في تعزيز السلام و التفاهم الدولي و في محاربة الدعاية العدائية و العنصرية و نظام التمييز العنصري.
خاتمة:
بصورة عامة يمكننا القول أن المرتكزات العامة لهذا النظام تجعله يميل أكثر للنظام السلطوي و النظام الاشتراكي في الإعلام, ولكن الواقع يبدو أن هذا القانون الخاص بالإعلام في جوهره خلاصة التجربة للنظام الحاكم و رؤيته للممارسة الإعلامية منذ الاستقلال.
ومن هنا نلاحظ أن هذا القانون مجرد تدوين لممارسة سابقة في قطاع الإعلام , و هو بذلك لا يملك قوة لمسايرة التطورات المستقبلية, و هذا ما دفع ببعض الصحافيين أثناء مناقشة القانون, أو بعد ذلك بوصفه بقانون العقوبات.
المراجع:
- زهير احد ادن, مدخل إلى علوم الإعلام و الاتصال, ديوان المطبوعات الجامعية, ط3, 1993.
- صالح بن بوزة , المجلة الجزائرية للاتصال, العدد13, جانفي 1996.
- الجريدة الرسمية, 1982.
باللغة الفرنسية:
- le droit a l’information, à l’épreuve du parti unique et de l’état d’urgence, Brahim Brahimi, édition SAEC liberté, 2002