الفهرس
المقدمة
الأدب وفصاحة القول وروعة الجواب
النثر
الشعر
أغراض الشعر الجاهلي
مصادر الشعر
من شعراء الجاهلية
منزلة الشعر عند العرب
الخطابة في الجاهلية
مواضيع الخطب
الخطباء
مجالس الأدب و سوق عكاظ
الطب
الأطباء
القيافة
علم الأنساب
الكهانة والعرافة
سجع الكهان
كهان العرب
النجوم والرياح والأنواء والسحب
علم النجوم عند العرب
الأنواء ومهاب الرياح
الميثولوجيا
ملاحظة: التاريخ
بعض الكتب التي تناولت مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
مقدمة
جزيرة العرب شحيحة المياه كثيرة الصحاري والجبال فلم يشتغل أهلها بالزراعة لجدب الأرض. والإنسان صنيعة الإقليم، فنشأ العرب على ما تقتضيه البلاد المجدبة من الارتزاق بالسائمة والترحال في طلب المرعى، فغلبت البداوة على الحضارة فيهم وانصرف أكثر همهم إلى تربية الماشية وهي قليلة بالنظر إلى احتياجاتهم فنشأ بينهم التنازع عليها وجرّهم التنازع إلى الغزو واضطرهم الغزو إلى الانتقال بخيامهم وأنعامهم من نجع إلى نجع ومن صقع إلى صقع ليلاً ونهاراً. وجوّهم صافٍ وسماؤهم واضحة فعولوا في الاهتداء إلى السبل على النجوم ومواقعها. واحتاجوا في مطاردة أعدائهم إلى استنباط الأدلة للكشف عن مخابئهم فاستنبطوا قيامة الأثر وألجأهم ذلك أيضاً إلى توقي حوادث الجو من المطر والأعاصير ونحوها فعنوا بالتنبؤ بحدوث الأمطار وهبوب الرياح قبل حدوثها وهو ما يعبرون عنه بالأنواء ومهاب الرياح. ودعاهم الغزو من الجهة الأخرى إلى العصبية لتأليف الأحزاب فعمدوا إلى الأنساب يترابطون بها، وحيث أقاموا في بادية صفا جوها وأشرقت سماؤها صفت أذهانهم وانصرفت قرائحهم إلى قرض الشعر يصفون به وقائعهم أو يبينون به أنسابهم أو يعبرون به عن عواطفهم، وقويت فيهم ملكة البلاغة فبرعوا في إلقاء الخطب على أن العرب لم يسلموا مما وقع فيه معاصروهم من الأمم العظمى من اعتقاد الكهانة والعرافة وزجر الطير وخط الرمل وتعبير الرؤيا، وقد سميناها علوماً بالقياس على ما يماثلها عند الأمم الأخرى في عصر العلم وإلا فالعرب لم يتعلموها في المدارس ولا قرأوها في الصحف ولا ألفوا فيها الكتب لأنهم كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون وإنما هي معلومات تجمعت في ذاكرتهم بتوالي الأجيال بالاقتباس
أو الاستنباط وتنقلت في الأعقاب.
مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
الادب و فصاحة القول و روعة الجواب
النثـــــر
كان العربُ مضرب المثل في بلاغة القول وفصاحة اللسَان، وقد نظموا الشعر الرائع، وقالوا النثر المبدع، ولكنّ ما وصل إلينا من النثر قليل بالنسبة لما وصل إلينا من شعر الجاهليين، لأن الأمِيّة الشائعة في الجزيرة العربية في هذا العصر قد حالت دون كتابة الخطب والوصايا والأمثال أما الشعر فهو أسهل حفظاً، وأكثر أنصاراً، تخصص له رواة يحفظونه ويتناقلونه فكثر المروىّ منه كثرة وافرة.
وما وصل إلينا من النثر الجاهلي ينحصر في الخطب والوصايا والأمثال.
فالخطبة كانت ذات شأن هام لدى الجاهليين لأن دواعي الحروب والمصالحة والمصاهرة كانت تحتاج إلى خطباء يتكلمون فيعبرون عما في نفوسهم، لذلك حرصت كل قبيلة على أن يكون لها خطيبٌ يتكلم بلسانها كما يكون لها شاعر يذيع محاسنها ومواقفها المشهورة بين القبائل.
وأنت إذا نظرت إلى الخطبة الجاهلية كخطبة هانىء بن مسعود فإنك تجدها تميل إلى الإيجاز، وتنحو منحو الحكمة الفطرية، وتعتمد على إثارة المشاعر.
أمَا الألفاظ فواضحة معبّرة عن الغرض المقصود تعبيراً مباشراً صريحاً على أن تتخللها الأمثلة أو أبيات الشعر، ومعانيها في كثير مما وَرَدَ منْ نماذجها مقتضبة، مفككة، لا تتصل اتصالاً مترابطاً وإنما هي خطرات تسنح للخطيب فيعبر عنها كما تجيء.
وكان العرب يختارون الخطيب و يرون فيه أن يكون جهير الصوت سليم المنطق ثابت الموقف قوي الشخصية ومن خطبائهم الأفذاذ قس بن ساعدة وهاشم بن عبد مناف.
أما الأمثلة فتجري على ألسنة الناس جميعاً، ولا تختص بها طبقة دون طبقة، ولذلك ورد لنا من أمثلة الجاهلية ما امتلأت به كتب حافلة، ومن صفاتها الفنية إيجاز اللفظ، وجمال العبارة وتصوير البيئة تصويراً دقيقاً مع دقة التشبيه في أكثر ما نعهد من، الأمثال ووصايا الجاهليين ذائعة وهي وليدة خبرات وتجارب، ودائماً تصدر عن أب كبير، أر رئيس مجرب، أو أم عاقلة فتصادف موقعها من النفوس.
الشعــر
الشعر عند العرب الكلام المقفّى الموزون، والتصورات الشعرية فطرية في العرب أما النظم فحادث عندهم، وربما صاغوا الشعر أولاً بعبارات قصيرة تحفظ وتتناقل على سبيل الأمثال، ومنها الأمثال الحكمية ونحوها.
وظلوا دهراً طويلاً يقول شاعرهم من الرجز البيتين أو الثلاثة إذا هاجت فيه قريحة الشعر لمفاخرة أو مشاتمة أو منافرة وكانوا كلما نبغ فيهم نابغة أدخل في النظم تحسيناً، والمهلهل يقولون أنه أول من قصد القصائد وامرؤ القيس أول من أطالها وتفنن في نظمها وفتح الشعر وبكى ووصف، وهم يعدون منظوماتهم بالقصائد وليس بالأبيات، فقد ذكروا أن أبا تمام صاحب كتاب الحماسة كان يحفظ من أشعار العرب (الجاهلية) 14.000 أُرجوزة غير القصائد والمقاطيع وكان حماد الراوية يحفظ 27.000 قصيدة على كل حرف من حروف الهجاء ألف قصيدة، وكان الأصمعي يحفظ 16.000 أُرجوزة وكان أبو ضمضم يروي أشعاراً لمائة شاعر كل منهم اسمه عمرو.
فالشعر ديوان الجاهليين، وسجلّ وقائعهم، وميدان تجاربهم، ولا تجد عصراً من عصور التاريخ أجادَ تصويرَ الأحداث، وسرد الوقائع، كما تجد ذلك في العصر الجاهلي، حيث اتجهت الفطرة العربية إلى تصوير الواقع دون تزييف أو مبالغة، وقد وجدوا من انفساح الصحراء ورحابة الأفق وحرية القول، وكثرة المعارك ما أطلق ألسنتهم بالقول، ولهم من فصاحة اللسان، واعتدال السليقة ما يمدهم بالروعة والإتقان.
وقد اتجهت أغراض الشعر إلى ما يناسب البيئة من وصف ومدح وفخر ورثاء وهجاء وحكمة وغزل واعتذار ووجد فيهم من الشعراء من اشتهر بغرض أجادَه وتفوق فيه كما تفوق زهير في الحكمة والنابغة في الاعتذار والمهلهل في الرثاء.
أما المعاني فغير عميقة لبعد الجاهليين عن الفلسفة، كما أن هذه المعاني لا تمتد متسلسلة بل تأتي موجزة مقتضبة، ولا يعمد الشاعر إلى ترتيبها بل ينتقل من معنى لآخر دون استيفاء بحيث يمكن القارئ أن يسقط بعض الأبيات دون أن يحس اختلالاً في الترابط.
والألفاظ لدى الكثيرين قويّة جزلة، وما نراه من الغموض في بعض الأبيات يرجع إلى خفاء اللفظ بالنسبة إلينا نحن، أما الأفكار فقريبة لا تحتاج إلى غوص، وقد نجد سهولة في بعض القصائد كما نشاهد في شعر المهلهل وجليلة والمنخل.
والتصوير ينبع من البيئة، ولبعض الشعراء خيال رائع كامرئ القيس وزهير والنابغة، وكان الأخيران يتئدان في النظم فحَفل شعرهما بالصور الجميلة على نحو ما شاهدنا في مقطوعتيهما السابقتين.
أغراض الشعر الجاهلي :
-لقد نظم الشاعر الجاهلي الشعر في شتى موضوعات الحياة ومن أهم أغراض الشعر الجاهلي :
أ-الفخر والحماسة :الحماسة لغة تعني : القوة والشدة والشجاعة .ويأتي هذا الفن في مقدمة أغراض الشعر الجاهلي ،حيث يعتبر من أصدق الإشعار عاطفة .
ب- الغزل :وهو الشعر الذي يتصل نالمرأة المحبوبة المعشوقة .والشعر هنا صادق العاطفة ،وبعضه نمط تقليدي يقلد فيه اللاحق السابق .
ج- الرثاء :وهو الشعر الذي يتصل بالميت . وقد برعت النساء في شعر الرثاء .وعلى رأسهن الخنساء ،والتي أشتهرت بمراثيها لأخيها صخر .
د- الوصف :اقد تأثر الشعراء الجاهليون بكل ما حولهم ،فوصفوا الطبيعة ممثلة في حيوانها ، ونباتها .
ه- الهجاء :فن يعبر فيه صاحبه عن العاطفة السخط والغظب تجاه شخص يبغضه .
مصادر الشعر الجاهلي :
المعلقات ، والمضليات ، والأصمعيات ، وحماسة أبي تمام ، ودواوين الشعراء الجاهليين ، وحماسة البحتري ، وحماسة إبن الشجري ، وكتب الأدب العامة ، وكتب النحو واللغة ومعاجم اللغة.
من شعراء الجاهلية:
أحيحة بن الجلاح، أوس بن حجر، أبو طالب، الحارث بن حلزة، امرؤ القيس، الأعشى، الشنفرى، المثقب العبدي، السموأل، الزير سالم، النابغة الذبياني، الأسود بن يعفر النهشلي، السليك بن عمرو، الحادرة، الخرنق بنت بدر،المسيب بن علس، المتلمس الضبعي، بشر بن أبي خازم ،ثابت بن جابر، حاتم الطائي، حاجب بن حبيب،زهير بن أبي سلمى، زهير بن جناب الكلبي، سلامة بن جندل، طرفة بن العبد، طفيل الغنوي، عمرو بن كلثوم، عنترة بن شداد، عبيد بن الأبرص، عدي بن زيد، عامر بن الطفيل، عروة بن الورد، علقمة الفحل، عمرو بن قميئة، عمرو بن مالك، قيس بن الخطيم، لبيد بن ربيعة العامري، لقيط بن يعمر الإيادي، هدبة بن الخشرم.
منزلة الشعر عند العرب:
فكانوا يثيرون بذلك غيرة أبنائهم على إتقان الشعر ويحرّضونهم على نظمه، لأن الشعراء كانوا حماة الأعراض وحفظة الآثار ونقلة الأخبار وربما فضلوا نبوغ الشاعر فيهم على نبوغ الفارس ولذلك كانوا إذا نبغ فيهم شاعر من قبيلة أتت القبائل الأخرى فهنأتها به وصنعت الأطعمة واجتمعت النسوة يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في الأعراس وتتباشر الرجال والولدان. وقد بلغ من احترام العرب للشعر والشعراء أنهم عمدوا إلى سبع قصائد اختاروها من الشعر القديم وكتبوها بماء الذهب في القباطي (التيل المصري) بشكل الدرج الملتف وعلقوها في أستار الكعبة وهي المعلقات ولذلك يقال لها المذهبات أيضاً كمذهبة امرئ القيس ومذهبة زهير.
الخطابة في الجاهلية
الخطابة تحتاج إلى خيال وبلاغة ولذلك عددناها من قبيل الشعر أو هي شعر منثور وهو شعر منظوم وإن كان لكل منهما موقف. فالخطابة تحتاج إلى الحماسة ويغلب تأثيرها في أبناء عصر الفروسية وأصحاب النفوس الأبية طلاب الاستقلال والحرية مما لا يشترط في الشعر، أما العرب فقد قضى عليهم الإقليم بالحرية والحماسة وهم ذووا نفوس حساسة مثل سائر أهل الخيال الشعري فأصبح للبلاغة وقع شديد في نفوسهم فالعبارة البليغة قد تقعدهم أو تقيمهم بما تثيره في خواطرهم من النخوة.
مواضيع الخطب
وكان العرب يخطبون بعبارة بليغة فصيحة وهم أميون لا يقرأون ولا يكتبون وإنما كانت الخطابة فيهم قريحة مثل الشعر وكانوا يدربون فتيانهم عليها من حداثتهم لاحتياجهم إلى الخطباء في إيفاد الوفود مثل حاجتهم إلى الشعراء في حفظ الأنساب والدفاع عن الأعراض.
ومن هذا القبيل وفود القبائل على النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد أن استتب له الأمر فقد جاءه من كل قبيلة وجهاؤها وخيرة بلغائها لاعتناق الإسلام أو للاستفهام أو غير ذلك ومن هذا القبيل وفود العرب على الخلفاء للتسليم والتهنئة.
الخطباء
وجملة القول أن الخطباء كانوا عديدين في النهضة الجاهلية كالشعراء والغالب فيهم أن يكونوا أمراء القبائل أو وجهاءها أو حكماءها، وكان لكل قبيلة خطيب أو غير خطيب كما كان لها شاعر أو غير شاعر.
مجالس الأدب وسوق عكاظ
كان العرب يعقدون المجالس لمناشدة الأشعار ومبادلة الأخبار والمسامرة أو البحث في بعض الشؤون العامة وكانوا يسمون تلك المجالس الأندية.
الطــــب
لفقد تداووا العرب في الجاهلية بالأعشاب والكي و أنواع المخدرات وربما أدخلوا العرافة والشعوذة.
فالطب من جملة العلوم التي وضع أساسها الكلدان كهنة بابل وهم أول من بحث في علاج الأمراض فكانوا يضعون مرضاهم في الأزقة ومعابر الطرق حتى إذا مرّ بهم أحد أصيب بذلك الداء فيعلمهم بسبب شفائه فيكتبون ذلك على ألواحٍ يعلقونها في الهياكل ولذلك كان التطبيب عندهم من جملة أعمال الكهان، وكان للتطبيب عندهم طريقتان: الأولى طريقة الكهان والعرافين، والثانية طريقة العلاج الحقيقية، فالكهان كانوا يعالجون بالرقي والسحر أو بذبح الذبائح في الكعبة والدعاء فيها أو بالتغريم أو نحو ذلك، وأما معالجاتهم العقارية فشبيهة بما كان عند المصريين وغيرهم من الأمم القديمة فقد كانوا يعالجون بالعقاقير البسيطة أو الأشربة وخصوصاً العسل فإنه كان قاعدة العلاج في أمراض البطن ـ على أن اعتمادهم في معالجة الأمراض كان معظمه عائداً إلى الجراحة كالحجامة والكي ـ .
الأطباء
وأما الأطباء فقد كانوا في أول الأمر من الكهنة ثم تعاطى الطب جماعة من العرب ممن خالطوا الروم والفرس وأخذوا الطب عنهم فاشتهروا بهذه الصناعة، والظاهر أن بعضهم كان يخصص نفسه للأعمال الجراحية فيغلب عليه لقب الجراح وأشهر جراحي الجاهلية ابن أبي رومية التميمي فقد كان جراحاً مزاولاً لأعمال اليد.
ونظراً لعناية العرب بخيولهم وإبلهم كان بعض الأطباء يخصص نفسه لمعالجتها مما يعبرون عنه اليوم بالبيطرة، ومن بياطرة الجاهلية العاص بن وائل.
القيافـــة
"قص الأثر" أو الفراسة وأشتهر به البدو في الصحراء من العرب، ويقصد به متابعة أثر الماشي في الصحراء على الرمل حتى يعلموا أين ذهب.
تختص بتتبع الآثار والاستدلال منها على الأعيان وهي قسمان:
قيافة الأثر: وكانوا يستدلون بوقع القدم على صاحبها.
قيافة البشر: هي الاستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة والاتحاد بينهما في النسب والولادة وسائر أحوالهما وهي من قبيل الفراسة، ومن هذا القبيل زجر الطير وخط الرمل.
وكانوا يعرفون نسب الرجل من صورة وجهه وكانوا يستغلونها في حوادث الثأر والانتقام.
برع به سكان البادية من العرب في العصر الجاهلي إلى ما بعده فقد كانوا يعرفون من "طبعة القدم" جنس صاحبها وعمره ووزنه ومتى تركها.. وإن كانت امرأة يعرفون هل هي ثيب أم بكر، حامل أم نفساء، متزوجة أم مطلقة.. وحين يقابلون آثارا كثيرة - في طرق القوافل مثلا - كانوا يستطيعون حصر الأقرباء وإعادة الأطفال إلى آبائهم.
كما يستطيعون الكشف عن هوية الأشخاص بمجرد لمس متعلقاتهم الشخصية أو التواجد في نفس المكان الذي تواجدوا فيه.
ولقد قام كفار قريش باستخدام أحد القاصين للأثر عندما علموا بهجرة النبي محمد من مكة للمدينة ليقتفي أثره ويمسكوا به.
علم الأنساب
هو بمثابة علم التاريخ وكان في العرب نسابون يرجع الناس إليهم ومن بينهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
كان للأنساب في عصور الجاهلية عند الأمم القديمة شأن كبير وكان للناس عناية عظمى في حفظ أنسابهم للتناصر على الأعداء أو للتفاخر بالآباء. والعرب من حيث أنسابهم فرع من العبران لأن العدنانيين منهم يرجعون في أصل آبائهم الأولين إلى إسماعيل بن إبراهيم، وكان النسابون يحفظون أسماء القبائل وما يتفرع منها حفظاً دقيقاً فإذا عرض لهم رجل فقال: أنا من بني تميم مثلاً ما نسبي؟ فإنه يبدأ من قبيلة تميم وما تفرع منها من العمائر والبطون والأفخاذ حتى ينتهي إلى الفصيلة ومنها إلى والد السائل أو إليه هو نفسه.[/size]
الكهانة والعرافة
هما لفظان لمعنى واحد وفرق بعضهم بينهما فقال: الكهانة مختصة بالأمور المستقبلة، والعرافة بالأمور الماضية، وعلى كل حال فالمراد بهما التنبؤ واستطلاع الغيب، على أن العرب كانوا يعتقدون في الكاهن القدرة على كل شيء، وأن ذلك يأتيهم بواسطة الأرواح فمن كان منهم يعتقد التوحيد نسب ذلك إلى استطلاع الغيب عن أفواه الملائكة، وإذا كان من عبدة الأصنام اعتقد احتلال الأرواح في الأصنام وإباحتها أسرار الطبيعة للكهان والسدنة فيقول العرب إن الأصنام تدخلها الجن (أي الأرواح) وتخاطب الكهان وإن الكاهن يأتيه الجني بخبر من السماء وربما عبّروا عنه بالهاتف، وكان للكهان عند العرب لغة خاصة تمتاز بتسجيع خصوصي يعرف بسجع الكهان مع تعقيد وغموض، ولعلهم كانوا يتوخون ذلك للتمويه على الناس بعبارات تحتمل غير وجه كما يفعل بعض مشايخ التنجيم في هذه الأيام حتى إذا لم يصدق تكهنهم جعلوا السبب أنه قصور الناس في فهم قول الكاهن.
سجع الكهان:
ضرب خاص من الخطابة عرف في الجاهلية وانقرض بظهور الإسلام . ففي سجعهم نلاحظ عدد القوافي المكررة اكثر والغموض اعم والتكلف ظاهر ، اما الكهان فهم طبقة من الرجال كانوا في العصر الجاهلي يشغلون الوظائف الدينية الوثنية في اماكن العبادات وبيوت الالهة ، وكان يطلق على احدهم الكاهن منهم اكثم بن صيفي ، والمامور الحارثي ، ومن النساء وزبراء كاهنة بني رئام التي انذرت قومها بالغارة عليهم فقالت: واللوح الخافق ، والليل الغاسق ، والصباح الشارق ، والنجم الطارق ، والمزن الوادق .
كهان العرب
من أشهر كهان العرب في الجاهلية شقٌّ بن أنمار بن نزار و سطيح بن مازن بن غسان ، وعراف اليمامة رباح بن عجلة ، وعراف نجد هو الأبلق الأسدي ، فأما سطيح فكان مقره بلاد الشام واسمه ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسّان.
النجوم والرياح والأنواء والسحب
علم النجوم عند العرب
إن العرب مدينون بعلم النجوم للكلدان وهم يسمونهم الصابئة ـ والصابئة إن لم يكونوا الكلدان أنفسهم فهم خلفاؤهم أو تلامذتهم ـ وكان الصابئة كثيرين في بلاد العرب ولهم مثل منزلة النصارى أو اليهود، فأخذ العرب عنهم علم النجوم، ولا غرابة في إتقانهم معرفة النجوم ومواقعها فإنها كانت دليلهم في أسفارهم وأكثر أحوالهم فكانوا إذا سألهم سائل عن الطريق المؤدي إلى البلد الفلاني قالوا: (عليك بنجم كذا وكذا) فيسير في جهته حتى يجد المكان وربما استعانوا على ذلك أيضاً بذكر مهاب الرياح يعبرون بها عن الجهات.
الأنواء ومهاب الرياح
ويراد بالأنواء عندهم ما يقابل علم الظواهر الجوية عندنا مما يتعلق بالمطر والرياح. وكانوا إذا مطرت السماء نسبوا المطر إلى تأثير النجم المتسلط في ذلك الوقت فيقولون مثلاً مطرنا بنوء المجرة أو هذا نوء الخريف مطرنا بالشعري، وقالوا: إن النوء سقوط نجم ينزل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه في الشرق مع أنجم المنازل ولذلك كانت الأنواء 28 نوءً أو نجماً كانوا يعتقدون أنها هي علة الأمطار والرياح والحر والبرد.
وكان العرب في حاجة إلى معرفة مهاب الرياح للاهتداء بها في أسفارهم ولذلك فقد وضعوا لها الأسماء:
(1) مهب الصبا من الشمال (2) مهب الشمال من المغرب (3) مهب الدبور من الجنوب (4) مهب الجنوب من المشرق.
الميثولوجيا
ومما يلحق بعلم النجوم أيضاً ما يعبر عنه الإفرنج بالميثولوجيا وهي عبارة عما كانوا يزعمون وقوعه بين الكواكب أو هي الآلهة عندهم من الحروب أو الزواج أو نحو ذلك من حوادث البشر على نحو ما ذكروه عن آلهة اليونان. ومن هذا القبيل تأليههم بعض المشاهير من الملوك أو القواد أو الأسلاف واعتبار البعض الآخر من نتاج الملائكة أو الجان، فعندهم مثلاً أن بلقيس كانت أمها جنية وأن جدها كان من نتاج الملائكة وبنات آدم، وكذلك كان ذو القرنين عندهم أمه آدمية وأبوه من الملائكة.
التاريخ
لم يكن عند عرب الجاهلية تاريخ من قبيل ما نفهمه من هذه اللفظة اليوم ولكنهم كانوا يتناقلون أخباراً متفرقة بعضها حدث في بلادهم والبعض الآخر نقله إليهم الذين عاشروهم من الأمم الأخرى، فمن أمثال أخبارهم حروب القبائل المعروفة بـ(أيام العرب) وقصة سد مأرب واستيلاء أبي كرب تبان أسعد على اليمن وبعض من خلفه وملك ذي نواس وقصة أصحاب الأخدود وفتح الحبشة لليمن وقصة أصحاب الفيل وقدومهم للكعبة.
بعض الكتب التي دكرت الحياة العقلية عند العرب في العهد الجاهلي
1)- (ايام العرب في الجاهلية ) وهو لثلاثة مؤلفين:
1- محمد أحمد جاد المولى بك
2- علي محمد البجاوي
3- محمد أبو الفضل ابراهيم
منشورات المكتبة العصرية ( صيدا _ بيروت ) , والكتاب قديم جدا.
2)- كتاب معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002المؤلف كامل سلمان الجبوري
دار الكتب العلمية - بيروت -الطبعة الأولى 7 أجزاء
3)- تاريخ اللغة والآداب العربي تأليف: شارل بلا ترجمة، تحقيق: رفيق ابن وناس - صالح حيزم - الطيب العشاش الناشر: دار الغرب الإسلامي تاريخ النشر1 /1/1997م.
4)- منتهى الطلب الى تراث العرب " دراسات في التراث" تأليف: جمال الغيطاني الناشر: دار الشروق تاريخ النشر1/1/1997 م.
5)- دراسات في أدب ما قبل البعثة تأليف: جمال نجم العبيدي الناشر: دار شموع الثقافة تاريخ النشر1/12/2003م.
6)- تاريخ الادب العربى تأليف: كارل بروكلمان ترجمة، تحقيق: ترجمة عبد الحليم النجار ، الدكتور الناشر: دار المعارف تاريخ النشر30/12/1998م.
7)- تاريخ الادب العربي تأليف: هاشم ياغي، ابراهيم السعافين، صلاح جرار الناشر: جامعة القدس المفتوحة.
8)- العصر الجاهلي تأليف: شوقي ضيف الناشر: دار المعارف تاريخ النشر: 1/1/1996م.
9)- مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية تأليف: ناصر الدين الأسد الناشر: دار الجيل للطبع والنشر والتوزيع تاريخ النشر:1/1/1996م.
الخاتمة
وجملة القول أن ما أسميناه علوم العرب قبل الإسلام يبلغ إلى بضعة عشر علماً فلما جاء الإسلام أهمل بعضها كالكهانة والعرافة والقيافة وبقي بعضها عند أهله ونشأ ما يقوم مقامه في عصر الحضارة كالنجوم والأنواء ومهاب الرياح والطب والخيل وارتقى الباقي واتسع عما كان في الجاهلية كالشعر والخطابة والبلاغة وكان الإسلام مساعداً على ارتقائها بالقرآن.