Admin المدير العام
عدد المساهمات : 1455 تاريخ الميلاد : 27/09/1990 تاريخ التسجيل : 15/05/2010 العمر : 34 الموقع : https://samirroua.yoo7.com
| موضوع: من أجلك يا بني الأربعاء يونيو 02, 2010 11:02 am | |
|
في يومٍ من الأيام، سألني أحدُ أقربائي سؤالاً عن صلاح الأبناء في هذا الزمان، فتذكَّرتُ قولَ الجليل العزيز: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]، فذكَرَ بعضُ المفسِّرين أن الله حَفِظَ الكنزَ للولدينِ بصلاح جدِّهما السابع.
وروي أن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - عندما كان يصلي من الليل، وابنه الصغير نائم، فينظر إليه قائلاً: من أجلك يا بني!
ويتلو وهو يبكي قوله - تعالى -: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا} [الكهف: 82].
أين نحن من هذا الصحابي؟! يقوم الليل وينوي بركعاتها وسجودها التقرب إلى الله - عز وجل - بصلاح ابنه، أين نحن من صلاح أبنائنا والقرب منهم؟
إن التقرب إلى الله بصلاح الأبناء كان منهج السلف الصالح، ولا يكون صلاح الأبناء واستقامتهم على الطريق الصحيح، إلا بصلاح آبائهم وأمهاتهم، والله - تبارك وتعالى - يُدخِل الأبناءَ الجنةَ بصلاح الآباء؛ فقد روى البيهقي في كتاب "الاعتقاد" عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه لما نزل قول الله - تعالى -: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 39]، ثم أنزل الله بعدها قوله - تعالى -: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21]؛ يعني: بإيمان.
ولقد أَمَر الله - تعالى - الوالدين الذين يخافون على ذرِّيتهم مِن بعدهم بالتقوى والعمل الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأعمال الصالحة؛ كي يحفظهم الله بها.
قال – تعالى -: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 80، 81].
قال قتادة: قد فرح به أبواه حين وُلد، وحَزِنَا حين قُتل، ولو بقي لكان فيه هلاكُهما.
ذلك أن في بعض الأبناء فتنةً لآبائهم؛ قال – تعالى -: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14]، ثم ذكر قوله - تعالى -: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15].
قال مجاهد: يَحمل الرجلَ على قطيعة الرَّحم، أو معصية ربه، فلا يستطيع الرجل مع حبِّه إلا أن يطيعه.
أي: ربما يقدِّم طاعة أبنائه وزوجته على طاعة أمِّه، وهذا من ضعف الإيمان، والخلل في تقديم المهم على الأهم.
ولقد بيَّن لنا الله - عز وجل - صورةً تدلُّ على نفع صلاحِ الآباءِ الذريةَ والأولاد؛ كما في قصة الخضر ونبي الله موسى - عليه السلام - عندما قام الخضر يبني جدارًا متبرعًا دون أجر، فيسأله موسى - عليه السلام - عن سبب عدم أخذ الأجر، فكان جوابه كما قال - تعالى -: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الكهف: 82].
قال ابن كثير: فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة؛ لتقرَّ عينُه بهم.
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: حُفِظَا بصلاح أبيهما، ولم يُذكر لهما صلاحٌ، وتقدَّم أنه كان الأب السابع، فالله أعلم.
وفي الختام: أُذكِّر كلَّ أب وأم، ومربٍّ ومعلم، بأن يكونوا قدوةً صالحةًً أمام أبنائهم وطلابهم ومجتمعهم، وأسال الله أن ينفع بما نقول ونفعل.
عامر الأسمري *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ * تعريف صاحب المقال : - معلم تربوي منذ عشر سنوات - جامعة الملك سعود - باحث تربوي في مجال تربية الأبناء - لدي مشاركات في بعض المواقع المتميزة - مثل الإسلام اليوم والمسلم والمعالي - ولديه الكثير من المقالات التربوية لم يتم نشرها حتى الآن - مشارك في بعض الدورات التدريبية
| |
|